الحب هو المفتاح. يجب أن تحبّ ما تفعله...
البروفسورة مشاعل امرأة ساهمت وما زالت تساهم نجاحاتها في حياتها المهنية كعالمة جيمور فلوجيا ولا محدوديتها في الحياة، في إلهام عائلتها وكل من يعرفها…
تملك مشاعل فهمًا عميقًا للعالم من حولنا، ولرمال الصحراء في المملكة العربية السعودية، والأرض التي تغذّينا وتغذّي أفكارنا. فقصّتها تأخذنا إلى بداية كل شيء – فتصلح لتكون البداية على لائحة نساء YOU&.
نعلم أنك عالمة جيمور فلوجيا ناجحة وشغوفة. ما الذي جذبك إلى هذا المجال الفريد والمذهل؟
لطالما كان هناك تواصل بيني وبين العالم الخارجي. عندما كنتُ صغيرة، انتَقلت بنا والدتي إلى مزرعة قروية جميلة، وفي هذه المرحلة بالذات من حياتي بدأت شخصيتي تتكوّن لتصبح على ما هي عليه اليوم. كنتُ أقضي وقتي في الخارج، أستلقي على الأرض وأطالع السماء، أو أتسلّق الجبال، أو ألعب في الصحراء، كنت أقضي وقتًا طويلًا مع الطبيعة، وهذا ما جعل كلّ شيء في داخلي مختلفًا. شعرتُ أنني تغيّرت، وقد أصبحت حياتي الآن وهواياتي ودراساتي، كلّها مرتبطة بأيام الطفولة تلك، التي كنت أقضيها في حضن الطبيعة.
هل كان من السهل اختيار مهنة عالمة جيمور فلوجيا؟
أولًا، دعيني أقول لك أنني أؤمن جدًا بأنه لا يجوز أبدًا الاستسلام للخوف، فالخوف يقضي على كل ما هو جميل، ولا يجوز السماح له أن يحول بينك وبين ما يشعرك بالسعادة.
أعلم أنّ قلّة قليلة من النساء فقط في العالم يعملن في مجال علم جيمور فلوجيا، وغالبًا ما أجدُ نفسي المرأة الوحيدة في الموقع عندما أقوم بالأعمال الميدانية. لكنّني ما كنتُ لأحقق ذلك لولا شغفي وإصراري، وبالرغم من صعوبة ذلك، إلا أنني تمكّنتُ من تحقيق ما أردته في الحياة.
كما أنني مدينة جدًا لزوجي خالد بن بندر الرائع. ما كنتُ لأحقق ما حققته اليوم لولاه. فلطالما كان وما زال داعمي الأكبر، وهو دائمًا ما يدفعني لأقدّم الأفضل. وبالفعل هذا النوع من الحب والدعم أساسي لأي امرأة عاملة في المملكة العربية السعودية.
إنّ زوجي رجل مذهل ووالد رائع وهو الحجر الأساس والسند الحقيقي لكل العائلة.
هل عملتِ في مكان معيّن كان ملهمًا بالنسبة لكِ؟
الصحراء هي المكان الأحبّ إلى قلبي. أشعرُ أنها قلب السعودية، ولطالما كانت الصحراء وما زالت ملهمةً بالنسبة لي.
الصحراء بالنسبة لي هي أكثر من أرض. إنها أمّنا المليئة بالحياة. الصحراء صبورة وعميقة! يمكنني التحدث إليها والإصغاء لها. تعلّمتُ من الصحراء منذ كنت طفلة وما زلتُ أتعلّم منها، وأنا أعرف أنني سأحملها في قلبي حتى آخر نفس من عمري.
ماذا تفعلين للراحة والاسترخاء؟
سواء في العمل أو في المنزل، أرتاح جدًا عندما أتواصل مع الطبيعة. انها أهمّ شيء بالنسبة لي. وعندما أقول الطبيعة الأم، أنا أعني ذلك. فتمامًا كما الأم، أتطلع إليها، وأشعر بوحدة حال معها، وأحبّ كل ما تقدّمه. سأستلقي في الخارج، وألمس الأشجار، والنباتات، وذلك وحده كفيل لأشحن طاقتي.
كيف تمكّنتِ من التوفيق بين العمل ودورك كأم؟
تحتلّ عائلتي دائمًا الأولوية عندي. لقد رفضتُ فرصة السفر والدراسة في الخارج لأبقى بالقرب منهم. المشكلة الوحيدة في عملي الميداني هو أنه يسرقني بعيدًا أحيانًا، لكنني أحبّه، وهذا أمر يفهمه أفراد عائلتي.
أنتِ أم لستّ بنات، وقد سمعنا قصة رائعة عن أنكِ جعلتهنّ يقفزن بالحبل المطاطي في سنّ مبكرة. لماذا شعرتِ أنها كانت تجربة مهمة بالنسبة لهنّ؟
لأنه بالنسبة لي، لا وجود لأي حدود. يجب الاستمتاع بالحياة، كما يجب الشعور بها أيضًا. يجب الشعور بالهواء، والإصغاء إلى الصمت. لقد استمتعتُ بكل دقيقة من طفولتي لأنني كنتُ على تواصل مع محيطي، وكنتُ أريد ذلك لهنّ أيضًا. في الوقت الحاضر، الناس على تواصل مع التكنولوجيا فقط، مع هواتفهم وأجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم، وليس مع الطبيعة ومع أنفسهم. إنّ القفز بالحبل المطاطي والتزلّج، والسرعة، والطيران المظلي، والتجديف، وكل ما من شأنه أن يخرجك من منطقة الراحة الخاصة بك، يأخذك إلى مكان أصيل وخام، ويوسّع حدودك ويؤجج عواطفك. أشعر أنّ هذا هو التواصل الحقيقي مع الحياة الذي يجب أن نسعى إليه.
ماذا تأملين لبناتك؟
لقد كنتُ محظوظة كفاية في حياتي ليكون لديّ حلم وأتمكن من تحقيقه. لذلك أريد لكلّ من بناتي أن يكون لها حلمها وأن تسعى إليه بنفس الحبّ والشغف اللذين استمتعتُ بهما.
أنا أشجّع دائمًا حرية التفكير في بيتي، لذلك أنا محظوظة بأنّ كلّ بنت من بناتي لها شخصيتها الفريدة المختلفة تمامًا عن الأخرى.
لم أطلب منهنّ يومًا اتباع مسار محدّد أو مهنة معيّنة. كلّ ما طلبته منهنّ هو أن يجدن ما يرغبنَ به حقًا. فأنا أعرف أنّ هذا هو السبيل الوحيد إلى السعادة الحقيقية.
الحبّ هو المفتاح. يجب أن تحبّ ما تفعله.
في النهاية، من أو ما الذي أثّر في بناء شخصيتك بشكل كبير؟
العديد من الأشخاص، والكثير من الأماكن والأشياء.
أولًا، استوحيتُ من والدتي قوتها، فقد كانت قوية ومثابرة وكانت بالعديد من الطرق سابقة لعصرها. أنا شقيقة لثلاث أخوات، وقد توفي والدنا عندما كنتُ طفلة، فكانت لي والدتي الأمّ والأب. لقد أرادت لكلّ منا أن نحقّق طموحنا، أرادت أن نتعلّم ونعمل ونقتنص كلّ الفرص.
كما انني تأثرت بشقيقتي سارة التي مدتني بالكثير من الحب والكتب الذي غرس في نفسي البعد الثقافي والمعرفي. أما جدّي عبدالعزيز بن عبدالرحمن فكان لي قدوةً يدفعني دائمًا لأكون أفضل. وكان من المهم جدًّا بالنسبة لي أن أكون مصدر فخر له. هؤلاء الأشخاص شكّلوا لي مثالًا أعلى في حياتي.
ولا شكّ أن كلّ شخص منا تأثّر بالتجارب التي مرّ بها. فالحياة حديقة وكلّ منا إختار باقة أزهاره.
أنا؟ أنا الصحراء، أنا والدتي، أنا أختي، أنا جدّي، أنا بناتي، أنا زوجي.
ثمّ بالتأكيد، أنا مشاعل.
"الخوف يقضي على كل ما هو جميل..."