our list

استكشاف العُلا، المملكة العربية السعودية

انجذاباً منّا لغموضها وجمالها الخلّاب، شددنا الرحال إلى مدينة العُلا، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو الذي يتربّع في قلب الصحراء السعودية، لنكشف النقاب عن ماضيها المنسي ونعيش تجربة فريدة من نوعها بين ثنايا الجدران الحجرية والطينية لهذه المدينة.

في صباحنا الأول في العُلا، استيقظنا على أشعة الشمس وهي تداعبنا عبر خيوط خيمتنا في مخيم الوادي الشتوي. كنا قد وصلنا إلى هناك ليلاً، والسماء تكسوها عباءةٌ من النجوم المتلألئة، ولذلك فقد كانت الإطلالة التي رأينها من شرفتنا الخاصة في المخيّم خاطفةً للأنفاس – وكأننا ولجنا إلى لوحة فنية. تظهر منحدرات الحجر الرملي الهائلة منبثقة من الرمال الصحراوية، بلونها الخمري وكأنها تلتف في لحافٍ منسوجٍ من ضباب الصباح. جلسنا على الشرفة واستمتعنا بفنجان من الشاي الساخن بينما كانت الشمس الذهبية تلقي بحرارتها على رمال الصحراء أسفل أبراج الصخور الملونة.

كان من الصعب تصديق وجود هكذا عالم، أو كونه في متناول الزوار الأجانب. فحتى وقت قريب، لم يكن الأمر كذلك في كثير من الأحيان. تستعد المملكة العربية السعودية لفتح حدودها أمام السياحة، وهو مشروع طموح تتوقع أن يسهم بنسبة 10% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بحلول عام 2030. ونظراً للتراث الثقافي الذي تزخر به المملكة والغموض الذي يكتنفها، فإن المسافرين من جميع أنحاء العالم يتوقون لزيارة واحدة من كنوز البلاد الخفية، وهو مكان في منطقة الحجاز الشمالية الغربية المعروف باسم العُلا. على مدى قرون، كانت هذه الصحراء معروفة فقط لعدد قليل من السكان – أسلاف سكانها الأصليين. وحتى وقتٍ قريب، بقيت هذه المنطقة غامضةً بشكل ملفت.

منذ خمسة آلاف عام، كانت مدينة العُلا مدينةً صاخبةً وممراً للقوافل التجارية، فقد كانت مركزاً استراتيجياً على طريق تجارة البخور الشهير الذي يربط بين جنوب الجزيرة العربية والإمبراطوريات الرومانية. واليوم، تتميَّز مدينة العُلا بمنحدراتها الحجرية الرملية ذات اللون الذهبي، وواحاتها الصحراوية، ومدينتها المُسوَّرة؛ فهي محفوظةٌ تماماً في كنف التاريخ ومنسيةٌ في الوقت ذاته.

انجذاباً لغموضها، وبمناسبة الإعلان عن افتتاح مهرجان شتاء طنطورة، ذهبنا في رحلة قاصدين مدينة العُلا، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو لنكشف النقاب عن ماضيها المنسي ونعيش تجربة فريدة من نوعها بين ثنايا الجدران الحجرية والطينية لهذه المدينة. وفي نواحٍ كثيرة، رأينا مستقبل المملكة من خلال هذه الرحلة – مكانٌ دافئٌ مضيافٌ لزواره، روحه غارقةٌ في التاريخ، توّاقٌ للاحتفال بالماضي واحتضان الحاضر أثناء البناء للمستقبل.

"على الرغم من الصعوبات والظروف، ما تزال حياة الصحراء هي السائدة. فالقوة في نهاية المطاف هي علامة الجمال."